حدثنا أبو كريب حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحق عن سعيد بن عبيد بن السباق عن محمد بن أسامة بن زيد عن أبيه قال لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم هبطت وهبط الناس المدينة فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أصمت فلم يتكلم فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يديه علي ويرفعهما فأعرف أنه يدعو لي قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب
كان الصحابة يسمونه حب رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بكسر المهملة أي : محبوبه لما يعرفون من منزلته عنده ؛ لأنه كان يحب أباه قبله حتى تبناه فكان يقال له : زيد بن محمد ، وأمه أم أيمن حاضنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : هي أمي بعد أمي وكان يجلسه على فخذه بعد أن كبر .
مات بالمدينة سنة أربع وخمسين .
قوله : ( عن محمد بن إسحاق ) هو صاحب المغازي ( عن محمد بن أسامة بن زيد ) بن حارثة الكلبي المدني ثقة من الثالثة . قوله : ( لما ثقل ) بضم القاف أي : ضعف هبطت أي : نزلت من مسكني الذي كان في عوالي المدينة ( وهبط الناس ) أي : الصحابة جميعهم من منازلهم قيل : إنما قال هبطت لأنه كان يسكن العوالي ، والمدينة من أي جهة توجهت إليها صح فيها الهبوط لأنها واقعة في غائط من [ ص: 218 ] الأرض ينحدر إليها السيل ، وأطرافها ونواحيها من الجوانب كلها مستعلية عليها ( وقد أصمت ) على بناء المفعول من الإصمات يقال أصمت العليل إذا اعتقل لسانه ( فأعرف أنه يدعو لي ) أي : لمحبته .
حدثنا الحسين بن حريث حدثنا الفضل بن موسى عن طلحة بن يحيى عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينحي مخاط أسامة قالت عائشة دعني حتى أكون أنا الذي أفعل قال يا عائشة أحبيه فإني أحبه قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب
قوله : ( أخبرنا الفضل بن موسى ) السيناني المروزي ( عن طلحة بن يحيى ) بن طلحة بن عبيد الله التيمي . قوله : ( أن ينحي ) بتشديد الحاء المكسورة من التنحية أي : يزيل ( مخاط أسامة ) بضم الميم وهو ما يسيل من الأنف ( دعني ) أي : اتركني ( أنا الذي أفعل ) أي : ذلك .
حدثنا أحمد بن الحسن حدثنا موسى بن إسمعيل حدثنا أبو عوانة قال حدث عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه قال أخبرني أسامة بن زيد قال كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء علي والعباس يستأذنان فقالا يا أسامة استأذن لنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله علي والعباس يستأذنان فقال أتدري ما جاء بهما قلت لا أدري فقال النبي صلى الله عليه وسلم لكني أدري فأذن لهما فدخلا فقالا يا رسول الله جئناك نسألك أي أهلك أحب إليك قال فاطمة بنت محمد فقالا ما جئناك نسألك عن أهلك قال أحب أهلي إلي من قد أنعم الله عليه وأنعمت عليه أسامة بن زيد قالا ثم من قال ثم علي بن أبي طالب قال العباس يا رسول الله جعلت عمك آخرهم قال لأن عليا قد سبقك بالهجرة قال أبو عيسى هذا حديث حسن وكان شعبة يضعف عمر بن أبي سلمة
قوله : ( أخبرنا أحمد بن الحسن ) بن جنيدب الترمذي ( أخبرنا موسى بن إسماعيل ) المنقري ( حدثنا عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن ) بن عوف الزهري المدني .
قوله : ( كنت جالسا ) أي : عند باب النبي -صلى الله عليه وسلم- ( يستأذنان ) أي : يطلبان الإذن في دخولهما " ما جاء بهما " أي : ما سبب مجيئهما ( ما جئناك نسألك عن أهلك ) أي : عن أزواجك وأولادك بل نسألك عن أقاربك ومتعلقيك " من قد أنعم الله عليه " أي : بالإسلام ، والهداية " وأنعمت عليه " أي : أنا بالعتق والتبني ، وهذا وإن ورد في حق زيد لكن ابنه تابع له في حصول الإنعامين ، قال الطيبي : أي أهلك أحب إليك ، مطلق ويراد به [ ص: 219 ] المقيد أي : من الرجال بينه ما بعده ، وهو قوله : أحب أهلي إلي من قد أنعم الله عليه ، وفي نسخ المصابيح قوله : ما جئناك نسألك عن أهلك ، مقيد بقوله من النساء وليس في جامع الترمذي وجامع الأصول هذه الزيادة ولم يكن أحد من الصحابة إلا وقد أنعم الله عليه وأنعم عليه رسوله إلا أن المراد المنصوص عليه في الكتاب ، وهو قوله تعالى وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه وهو زيد لا خلاف في ذلك ولا شك ، وهو وإن نزل في حق زيد لكنه لا يبعد أن يجعل أسامة تابعا لأبيه في هاتين النعمتين وحل ما حل من الله تعالى في التنزيل من الإنعام على بني إسرائيل نحو أنعمت عليكم نعما أسداها إلى آبائهم ( جعلت عمك آخرهم ) أي : آخر أهلك " سبقك بالهجرة " أي : وكذا بالإسلام فهذا أوجب تقديم الأحبية المترتبة على الأفضلية لا على الأقربية .
منقول