جلست ترتب حاجياتها بيديها ،
بينما ذهنها يكابد ليرتب فوضى روحها، فقد تعطلت
منذ مدة طويلة مناطق التفكير والإحساس لديها، فهى
إما ماضٍ تبكى لتذكره ، أو حاضرٍ تندم على إختياره
تفيق على صوت هاتفها الذى اعتادت على صمته هو أيضا.
يأتيها من عمق الذاكرة صوتا تحفظ حتى صدى صمته.
ألوووووو.....سكتى ليه ؟... معقول نسيتى صوتى !!
تتجاهل دقات قلبها المتسارعة لتجيب بهدوء .
.. باعتذر .... مين معايا ؟
أيمن...... نسيتى صوتى!!
سرت فى جسدها شحنات متناقضة
من المشاعر أعجزتها عن الرد ليسترسل
هو فى حديثه
أخبارك إيه ؟..... من زمان ماسمعت صوتك
يا ترى لسه زى ما انتى ؟ ... وحشتينى ..
تتساءل مستنكرة وحانقة
إنت جبت رقمى منين؟
فأجابها ضاحكاً
وحشنى اشوفك وانتى غضبانة.....إبتسام صديقتنا
معاها كل أرقام أصدقائنا.......المهم انا نفسى اشوفك
ترد بحدتها المعروفة
إنت عارف انى اتجوزت !!
توقفها تلك الكلمة لتحملها لحظات إلى زوجها.
وكيف تعرفت عليه عن طريق أحد الأقارب ،
والسرعة التى تم بها الزواج .
تتخيل يوم زفافها وكم كانت تشعر بأنها أضحية
" لإله الاخفاقات " ، إنتبهت على صوت إلحاحه الشديد
أرجوكى ......حاجات كتير عايز أحكيلك عليها....
إنتى الوحيدة اللى بتفهمينى
أغلقت الهاتف فى الحال ، لكن ظل صوته ملازما لها
وصورته التى شقت طريقها لتغادر قبر الذاكرة و تلاحقها
صبت إهتمامها على زوجها وبيتها ، حاولت جعله يدرك
مدى احتياجها اليه ، فكم من المرات تستجديه إلا يتركها
ويسافرلفترات طويلة ، وكم من الأيام استيقظت منتفخة
العينين وتعللت بالإجهاد .
تعالىَ ضجيج الهاتف حتى شعرت كأنه يلح عليها أن ترد
ليستريح ، تجيبه فتنهار، تذهب إلى مكان لقاءهما القديم
كما اتفقا ، لم يتغيراللهم إلا من بضع شعيرات
بيضاء متناثرة كالنجوم زادته بهاءً .
أخذهما الحديث لمواضيع شتى ، ليفاجئها بعدم زواجه .
فمنذ أن افترقا لم يجد من تملأ الفراغ الذى خلفته ..
وليه فكرت فيا الأيام دى بالذات ؟ تتساءل مستنكره
حانقة .
فيجيبها من خلال دموعه :
حبيت إن آخر أيامى تكون معاكى.....حتى لو
نصيبى هو إنى أشوفك من بعيد ...
تعالت شهقاتها رغماً عنها ، صاحت به ..
إنت شخص أنانى.....حتى يوم ماترجعلى تانى
تكون بتموت"
تركته وانطلقت فى طريقها على غير هدى ، لا تدرى
أين تذهب وهى تحمل جبلاً من الأحزان
يأبى أن يفارقها.
or=red]]بقلمى .. هدى شعبان[/center]