عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : " الدين النصيحة" قلنا لمن ؟ قال : " لله ، ولكتابه ،ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم " رواه مسلم (1).
ترجمة الراوي : ـ
هو تميم بن أوس الداري نسبة إلى أحد أجداده ، أو الديري نسبة إلى دير كان يتعبد فيه قبل إسلامه . ويكنى بابنته الوحيدة التي لم يعقب غيرها "رقية" ، وكان إسلامه مع أخيه "نعيم" سنة تسع ، وكان راهب أهل عصره وعابد فلسطين ، وكان كثير التهجد ، وهو أول من أسرج السرج في المسجد ـ رضى الله عنه .
دروس وعبر من كلام سيد البشر
ـ
العقائدية : ـ
إن النصح لله هو أول قاعدة يرسيها القرآن الكريم ، ودارت عليها جل آياته ، ومكث الرسول صلى الله عليه وسلم يغرسها في القلوب طيلة ثلاث عشرة سنة ، قال تعالى : { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء } [ البينة :5] ، فمن النصح لله النصح لوحدانيته ـ عز وجل ـ في ذاته وصفاته الكمالية ، فلا يشرك الناصح لله مع الله شجرا ولا حجرا ولا مدرا ، ولا يستهدي إلا بالله ، ولا يستشفي إلا إليه، ولا يلجأ إلا به سبحانه ! والناصح لله لا يشرك في عبادته مع الله أحدا ، لا شركا ظاهرا جليا ، ولا مستترا خفيا ، كالرياء وحب السمعة و . . . قال تعالى : {فاعبد الله مخلصا له الدين . ألا لله الدين الخالص } [ الزمر :2 ، 3 ] .
الاجتماعية : ـ
النصح لعامة المسلمين بلا استثناء إنما يكون بإرشادهم لما ينفعهم في دنياهم وأخراهم ، وإعانتهم في قضاء حوائجهم ، وستر عوراتهم ، والدفاع عن أعراضهم ، وبدفع المضار وجلب المنافع لهم ، وبأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر . ويقع كل ذلك على عاتق الداعية الحكيم ، والخطيب المرشد ، والمعلم المربي ، والطبيب المعالج ، والعامل بين محركاته ، والصانع في صناعته واختراعاته ، والأب في أسرته وبين أبنائه ، والزوج مع شريكة حياته وأم عياله ، والتاجر في متجره ، والفلاح في مزرعته وحقله ، والطالب في مذاكرته ، وفي مدرسته أو جامعته ، والحاكم في مسؤوليته ، والمدير في إدارته .
الأخلاقية : ـ
ينبغي للعامة احترام علماء الإسلام العاملين وتوقيرهم ، وعدم مخالفتهم فيما أمر به القرآن وأوردته السنة ، والحذر من معاكستهم ومشاكستهم ـ كما يحلو للبعض ـ لأنهم القادة الروحانيون الذين خول لهم علمهم التبليغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى : { إنما يخشى الله من عباده العلماء } [فاطر:28]، { هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } [ الزمر :9] ، وليبين لنا الرسول ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ ما يجب علينا "أخلاقيا " تجاههم قال : "ولأئمة المسلمين وعامتهم" ولم يقل : ولعامتهم ؛ لأن العامة أتباع الأئمة ، وما أفلح قوم ـ والله ـ أهانوا علماءهم ، واستخفوا بهم ، وضربوا بأقوالهم عرض الحائط ، وما تخلق رجل أهان من أعزه الله بفقه شريعته.
الثقافية : ـ